المصدر: الأهرام العربى
بقلم: اسامة الدليل
لابد وأن هناك (حاجة غلط). فقد تسللت إلى حدائق التمويل الأجنبي للشباب العربي الثائر. ولم أجد ثمرة واحدة لم يصبها العفن. رغم خصوبة التربة، وتعقد وتطور. أنظمة الري!
صحيح أن الغرب لم يدفع للثوار من أجل التظاهر لإسقاط النظام وإنما. ليجرؤوا ــ فقط ــ على ذلك، أما الحصاد فهو في النهاية ملك للمستثمر. وفق اتفاق ضمني لا أحد كان يريد أن يناقشه طيلة سنوات، سكب فيها الممولون المستثمرون ملايين الدولارات باسم دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان في مختلف أرجاء الشرق الأوسط، وتحظى الدفاتر والميزانيات بالأرقام والأسماء لجيوش من الشباب العربي تم تجنيدهم في استصلاح التربة المالحة اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا لسنوات. في صفوف منظمات ما يسمى بالمجتمع المدني لكن فيما يبدو أن آفة ما أصابت محصولهم أخيرا هذه الرائحة العفنة باتت تزكم الأنوف هذه الأيام. مع تناثر أوراق الحسابات وأرقام الشيكات ونشر الميزانيات في الغرب. وتعالي الصيحات المتشنجة في التظاهرات والاعتصامات. حيث تختفي حقائق وتتخفى أخرى في ثياب العصمة الثورية. وأهمها تلك الحقائق التي تلتحف بشرعية الاستعجال والتشدد والتطرف. والقفز على إرادة الأغلبية!
من أول السطر.
الدولارات والبرادعي و6 إبريل. هذا هو المثلث الذي يربط حاليا بين الملياردير اليهودي المتطرف جورج سوروس والصهيونية المسيحية. وصياغة الدستور المصري الجديد.!
- مجموعة الأزمات
أهم نشاط دولي يمارسه الدكتور محمد البرادعي حاليا. هو كونه واحداً من مجلس أمناء المجموعة الدولية للأزمات. وهو بهذه الصفة زميل للملياردير اليهودي المتطرف جورج سوروس الذي ينفق على هذه المؤسسة البحثية الأمريكية المرموقة. والتي تعمل وفق تنسيق خاص مع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA ومنظمة جويش واتش اليهودية الصهيونية المعروفة. هذه المجموعة تأسست عام 1995، وتعمل هذا العام بميزانية تصل إلى 17 مليون دولار. هذه المنظمة تعمل من بروكسل ولها مراكز في واشنطن ونيويورك وموسكو ولندن. ولها مكاتب إقليمية في القاهرة ودمشق والقدس واسطنبول!
يزامل الدكتور محمد البرادعي في هذه المؤسسة كذلك الأمريكي من أصل بولندي زيجنيو بريجينيسكي مستشار مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية الذي يتلاعب بالرئيس أوباما ذات نفسه ويدفعه سرا وعلانية لضرب إيران. وهو الصديق الحميم لبول وولفويتز أخطر صقور المحافظين الجدد والصهيونية المسيحية. وهو ذات الرجل الذي عمل كمستشار للأمن القومي الأمريكي في عهد الرئيس الأسبق جيمي كارتر من 1977 إلى 1981، والوسيط الأشهر في المفاوضات التي أفضت لتوقيع (كامب ديفيد) بين السادات وبيجين، وهو الرجل الذي ساند المعارضين في أوروبا الشرقية حتى تقوض الاتحاد السوفيتي السابق، والرجل الذي تولى مسئولية (تمويل وتسليح) حركة المجاهدين في أفغانستان إبان الغزو السوفياتي لها. وهو الذي أسهم في تأسيس تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن في هذا الوقت، وهو صاحب فكرة قوات الانتشار السريع الأمريكية. وهو أيضا مهندس السيطرة الأمريكية على قناة بنما بموجب اتفاقية توريخو - كارتر عام 1999. وهو أيضا عضو مجلس مدراء مجلس العلاقات الخارجية الأمريكى الموالي للوبي الصهيوني في الولايات المتحدة. وعضو الوقف الديمقراطي الأمريكى (ناشيونال إنداومنت) أهم ممول لمنظمات المجتمع المدني في مصر.!
بريجينيسكي يقضي معظم أوقاته حاليا ما بين مهامه الأكاديمية في جامعة جونز هوبكنز وما بين محطة تليفزيون MSNBC حيث يهندس تحليلات برنامج تليفزيونى تقدمه ابنته ميكا بعنوان (صباح الخير ياجوي). هذه المحطة هي واحدة من ممتلكات الملياردير اليهودي جورج سوروس وإحدى أدواته في مشروعات نشر الديمقراطية الأمريكية في الشرق الأوسط.!
يزامل الدكتور البرادعي أيضا كل من ريتشارد أرميتاج وكينيت الدلمان، هما من أهم رموز حركة المحافظين الجدد. وأبرز الموقعين على وثيقة القرن الأمريكى الجديد التي أسست لسطوة المحافظين الجدد وبشرت بمملكة إسرائيل وأججت ما يسمى بالحرب على الإرهاب في أعقاب 11 سبتمبر وهي الحرب التي لم تنته حتى وقت كتابة هذه السطور!
هذه المنظمة وهذه الصحبة التي تزامل الدكتور البرادعي هي ذاتها التي ترى في بياناتها الصادرة عن هذه المجموعة والمنشورة على موقعها وفي عدد ضخم من وسائل الإعلام التي يهيمن عليها سوروس بأمواله، أن المجلس العسكري المصري هو الذي لا يريد أن يكون هناك دستور في مصر إلا بعد إجراء الانتخابات البرلمانية وأن هذا السلوك يحبط كل مطلب لثوار مصر. هذه المنظمة وهذه الصحبة هي التي تشرف على تمويل منظمات المجتمع المدني التي تقود حملة شرسة من أجل الحشد والتظاهر والاعتصام وحتى الإضراب من أجل (الدستور أولا). وتصل الأموال من خلال بيت الحرية (فريدوم هاوس) والوقف الديمقراطي (ناشونال إنداومنت) ومن خلال عدد من البرامج أهمها مشروع ديمقراطية الشرق الأوسط. والذي حصلت من خلاله جمعية المركز الأمريكى للتضامن العمالي الدولي على 318.757 دولار، ومعهد الأندلس لدراسات التسامح ونبذ العنف على 48.900 دولار، والمؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني على 25 ألف دولار، والجمعية العربية لحقوق الإنسان على 22.600 دولار، وجمعية تقدم المرأة والتنمية على 20 ألف دولار، وجمعية المحاميات المصريات على 22 ألف دولار، ومركز الجسر للحوار والتنمية على 25 ألف دولار، ومرصد مراقبة حقوق الإنسان والموازنة على 25 ألف دولار، ومركز المساعدة القانونية للمرأة المصرية على 34.400 دولار، ومركز المشروعات الخاصة الدولي على 187.569 دولاراً، ومركز الحق للديمقراطية وحقوق الإنسان على 19.400 دولار، والمركز المصري للحق في التعليم على 25.300 دولار، ومعهد الديمقراطية المصري على 48.900 دولار، والاتحاد المصري للشباب الليبرالي على 33.300 دولار، وهيئة فارس للرعاية الاجتماعية بالمنصورة على 20.500 دولار، وجمعية حقوق الناس على 50 ألف دولار، وجمعية التنمية البشرية بالدقهلية على 20 ألف دولار، ومركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية على 65 ألف دولار، والمركز الدولي للعدالة والدعم القانوني والمحاماة (الجمعية القانونية بالغربية سابقا) 17 ألف دولار، ومركز العدل والمواطنة لحقوق الإنسان على 20 ألف دولار، واتحاد المحامين للدراسات القانونية والديمقراطية على 20 ألف دولار، وجمعية مجتمعنا للتنمية وحقوق الانسان على 20.300 دولار، والجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات على 81 ألف دولار، ومؤسسة عالم واحد للتنمية ورعاية المجتمع المدني في بني سويف وقنا على 24.500 دولار، وجمعية أياديما للتنمية الشاملة بالمنيا على 19.200 دولار، ومشروع ديمقراطية الشرق الاوسط بالقاهرة على 45.300 دولار، والمركز الإقليمي للأبحاث والاستشارات على 20 ألف دولار، وجمعية التنمية الحضرية بالمنوفية على 25 ألف دولار، ومركز الدراسات الحضرية على 27 ألف دولار، وجمعية تنمية المرأة الريفية على 20.500 دولار، وجمعية سوا لتنمية المجتمع والمرأة والطفل والبيئة على 19 ألف دولار، ومركز أبناء الأرض لحقوق الإنسان على 30 ألف دولار، وجمعية منتدى الشباب (الغربية والمنيا وأسيوط والسويس) على 19 ألف دولار فقط لاغير. (المصدر: موقع الوقف الوطني الديمقراطي. ناشونال إنداومنت فور ديموكراسي: مصر).
- من يدفع. ومن يثور؟
وفقا للمحلل الأمريكى توني كارتالوتشي فإن الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان تتقاضى تمويلا مباشرا من معهد أوبن سوسايتي (المجتمع المفتوح) التابعة مباشرة لجورج سوروس وأن المعهد الديمقراطي الذي يعمل على أجندة المحافظين الجدد يمول مباشرة المنظمة المصرية لحقوق الإنسان. وأن هذه المنظمات تعمل حاليا على برامج تتصل بإستراتيجيات المحافظين الجدد. لكن من بين أكثر الجماعات المصرية التي تتهم علنا بتلقي تمويلات مشبوهة نجد من جديد حركة 6 إبريل بقيادة الناشط الشاب أحمد ماهر.
في مقابلة تليفزيونية جرت الأسبوع الماضي على شاشة محطة ON TV المصرية المملوكة لرجل الأعمال المصري الأشهر نجيب ساويرس. دافع أحمد ماهر عن نفسه وعن جماعته ونفى شبهات التمويل والتدريب بالخارج واتهم مروجي هذه المعلومات بالعمالة لجهاز مباحث أمن الدولة الذي تم حله بعد الثورة المصرية وصحب ظهوره تقرير تليفزيونى أشار إلى أن مصادر تمويل هذه الحركة تتنوع ما بين الاشتراكات الفردية الطوعية وتبرعات كبار رجال الأعمال(!!)
إن موضع العجب في أن يبادر رجال الأعمال بدعم هذه الحركة هو أن مجتمع رجال الأعمال أصلا يدين بالولاء للنظام الذي أقامه في مصر وجعل له القدرة على اختراق المنظومة التشريعية والتنفيذية، ويتورط كبار رجال الأعمال أساسا في الأعمال التي تتصل بالثورة المضادة وقهر الثوار ومحاولة إفشال الثورة المصرية من خلال تعطيل عجلات الإنتاج والتأثير على الاقتصاد المصري. وهي اتهامات تنشر في صدر الصفحات الأولى للصحف اليومية في مصر في سياق محاكمات الفساد في عهد الرئيس السابق حسني مبارك. على أن دعم رجال أعمال من عينة الدكتور مهندس ممدوح حمزة والمهندس نجيب ساويرس للحركات الاحتجاجية هو استثناء يثبت القاعدة.
في مقابلة مع خدمة النيويورك تايمز في قال ستيفن ماكنرني المدير التنفيذي لمشروع ديمقراطية الشرق الأوسط: لم نمولهم ليبدأوا الاحتجاجات وإنما ساعدناهم على دعم تنمية المهارات وأن ينتظموا في شبكات. ولقد لعب التدريب الذي قمنا به لهم دورا كبيرا للغاية فيما حدث. ولكنها كانت ثورتهم. ونحن لم نبدأها.!
في 2008، شارك عدد من القيادات الشبابية المصرية ومن بينهم أسماء بارزة في حركة 6 إبريل في لقاء تكنولوجي عقد في نيويورك وكان حاضرا لهذا اللقاء الذي يستهدف نقل خبرات الغرب في الاتصالات الحديثة وعلى رأسها أجهزة المحمول ومواقع التواصل الاجتماعي في التغيير السلمي للديمقراطية. عدد من مسئولي وزارة الخارجية الأمريكية وخبراء من المعهد الجمهوري والمعهد الديمقراطي أهم مؤسستين لدعم جماعات المجتمع المدني في مصر والعالم العربي بأموال الخارجية الأمريكية وباعتمادات من الكونجرس في الميزانية الفيدرالية والتي بلغت حتى العام الماضي 2010، قرابة 110 ملايين دولار لكل مؤسسة منهما على حدة!
و نقلت خدمة النيويورك تايم عن باسم فتحي ــ بعد قيام الثورة - والذي كان حاضرا هذا اللقاء بتمويل أمريكي مباشر من مؤسسة فريدوم هاوس (بيت الحرية) من حيث الإقامة ومصاريف السفر والانتقالات أنه قد استفاد للغاية من خبرة تكوين الائتلافات خلال هذا اللقاء(!!).
تبلغ الائتلافات الشبابية للثورة المصرية اليوم ما يربو على 198 ائتلافا، بينما تشكل حركة 6 إبريل مع حركة دعم البرادعي والجمعية الوطنية للتغيير ائتلافا خاصا يشكل جماعة ضغط على القرار السياسي (لوبي) على النموذج الأمريكى.!
وعلى النموذج الأمريكى أيضا تسهم شركات دولية ذات ماركات شهيرة مثل كوكاكولا وبيبسي كولا ومحطة CBS نيوز التي تم القبض على عدد من مراسليها في تصوير مواقع إستراتيجية بقناة السويس أخيرا وكذلك جمعية ناشونال جيوجرافيك وجوجل والدلمان كوربوريشن ومحطة MSNBC المملوكة لجورج سوروس في تمويل ورعاية برامج منظمات المجتمع المدني في مصر وبالذات ما يتعلق بتمكين الثوار والحركات الاحتجاجية وعلى رأسها كما تشيع النيويورك تايمز الأمريكية جماعة 6 إبريل التي تتخذ من شعار حركات الاحتجاج في صربيا الممولة أمريكيا شعارا لها. كف ضخمة بأصابع قوية الوضوح!
وخلال زيارتهما الأخيرة لمصر، قام كل من السيناتور جون ماكين وجون كيري بزيارة لمنشآت تمثل الشركات الأمريكية الكبرى كمصنع كوكاكولا وباكتيل وجنرال إليكتريك وبوينج وأكسون موبيل وماريوت. وكلها من المؤسسات الداعمة ماليا لتمويلات المعهد الجمهوري والمعهد الديمقراطي وبيت الحرية والوقف الوطني للديمقراطية. بل إن جون ماكين ذاته هو رئيس المعهد الجمهوري!. وفي شهر مارس الماضي تعهدت الخارجية الأمريكية بتمويل قدره 150 مليون دولار من الخارجية الأمريكية لبناء الديمقراطية في مصر. وصل منه للقاهرة 40 مليون دولار تقاضتها أكثر من 600 منظمة وجمعية وفرد من النشطاء في المجتمع المدني!
- القصة لم تنته بعد
للديمقراطية حرمتها. فهي جوهر إرادة واستقلال وكرامة الشعوب وحتى هذه اللحظة. لا يبدو أن الدستور سيكتب أولا. ولا المجلس العسكري قد يدخل في صراع مع دولارات الديمقراطية الحرام التي تروج لها خزائن المحافظين الجدد والصهيونية المسيحية. وجورج سوروس!
لكن الظاهر في الصحافة الأمريكية حتى الآن. أنه في كل مرة يعتصم فيها واحد من ثوار ميدان التحرير بالقاهرة. يخفق قلب أحدهم. في نيويورك وواشنطن ولندن وبروكسل، وفي كل مرة تفشل فيها محاولات إسقاط الدولة المصرية بكامل مؤسساتها. تذوب دولارات وحسرات وتحليلات تحاول إعادة ترتيب الأجندة الإستراتيجية للدولة المصرية. وربما كانت هناك جولات أخرى في الأفق. تغذيها دولارات الديمقراطية الحرام. من جديد!
وعليه: الملف سيظل مفتوحا. إلى إشعار آخر!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق