الأربعاء، 16 نوفمبر 2011

إنها الديمقراطية والنفط والسوق والشيطان!!

مايو 2011
21
المصدر: الأهرام العربى

اسامة الدليل

واشنطن التى أسست بقوة السلاح أول وأكبر مركز تجارى لترويج الديمقراطية فى العالم العربي، انطلاقا من بغداد - التى شهدت سقوط أول الأنظمة العربية - سكبت فى هذه (السوق) مليارات الدولارات من أموال النفط العراقى المنهوب، وكان نصيب الأسد منها لشركات الأمن الخاصة الأمريكية، وفى مقدمتها شركة
بلا ك ووتر، المقاول العسكرى والأمنى والاستخباراتى الأضخم فى العالم «جون ووكر» هو أشهر ماركة للخمور المستوردة فى الشرق الأوسط، وقد اجتهد العرب الأقدمون فى ترجمة هذه الماركة إلى أن توصلوا إلى أنها اسم لشخص معناه بالعربى: يوحنا الجوال. وبلاك ووتر تعنى المياه السوداء، وهو اسم لأشهر ماركة فى عالم شركات الأمن والمخابرات الخاصة الأمريكية التى تجول بالموت فى العراق، بلاك ووتر هو اسم لأهم منتج للرعب المستورد من واشنطن مباشرة، وكلاهما (جون ووكر وبلاك ووتر) رمز لشيء واحد الماء الحرام المستورد بالمال الحرام!!
والمسافة ما بين هذا الحرام وذاك. لاتبدو بعيدة كما يتصور البعض، فبينما تباهى واشنطن هذه الأيام بأنها زرعت مئات الملايين من الدولارات لدعم المسيرات المطالبة بالحرية والديمقراطية فى الشرق الأوسط، تحصد شركة بلاك ووتر مئات الملايين من الدولارات من جيوب حكام دول فى الشرق الأوسط، لقمع مثل هذه المسيرات، مستقبلا، وبالذات فى المناطق التى لا تحتمل أمريكا ولا حلفاؤها فى الغرب، أن يتلوث فيها خام النفط العربى بالديمقراطية، حتى يراق على جوانبه الدم!
واشنطن التى أسست بقوة السلاح أول وأكبر مركز تجارى لترويج الديمقراطية فى العالم العربي، انطلاقا من بغداد - التى شهدت سقوط أول الأنظمة العربية - سكبت فى هذه (السوق) مليارات الدولارات من أموال النفط العراقى المنهوب، وكان نصيب الأسد منها لشركات الأمن الخاصة الأمريكية، وفى مقدمتها شركة بلا كووتر، المقاول العسكرى والأمنى والاستخباراتى الأضخم فى العالم، والذى وظف الآلاف من المرتزقة من أجل نشر الديمقراطية الأمريكية فى ربوع العراق وتوصيل الدعم الديمقراطى لمستحقيه من العراقيين، بالرصاص الحى عادة والسيارات المفخخة غالبا وفصل الرءوس عن الرقاب، أحيانا !!
النموذج العراقى هنا هو (سابقة الخبرة) لكل من يريد أن يطلع على كراسة الشروط، وخلال الأسبوع الماضى فقط تأكد خبر أن أحدهم فهم السوق الجديدة، وتمكن من الفوز بإبرام الصفقة الأولى منذ أكثر من ستة أشهر: حكومة أبوظبى تعهدت بدفع مبلغ مليار و947 مليونا و333 ألفا و655 درهماً و20 فلسا ثمنا لخدمات شركة بلاك ووتر الأمريكية فى مجال مكافحة الشغب والقتال غير المسلح ومواجهة الأزمات والكوارث وتدريب من يلزم للقيام بمثل هذه المهام سواء من مواطنى الإمارات أم غيرهم، وبالنظر لعدد السكان فى دولة الإمارات والبالغ عددهم 5 ملايين و 148 ألفا و644 مواطنا، يكون نصيب الفرد 378 درهماً و22 فلسا، من إجرام 800 مرتزق من الجيش السرى لبلاك ووتر، والذين يمارسون أعمالهم حاليا من ثكنات قاعدة مدينة زايد العسكرية فى الصحراء. دون أدنى سند قانونى لا فى دولة الإمارات، ولا حتى فى الولايات المتحدة التى تلزم شركاتها بألا تعرض خدماتها العسكرية والأمنية والاستخباراتية للأجانب، دون موافقة الكونجرس. السند القانونى الوحيد هو عقد استئجار خدمات الشيطان. والعقد شريعة المتعاقدين!!
أفراد كتيبة المرتزقة بعضهم من جنوب إفريقيا لكن أغلبهم من كولومبيا، والكفيل هو إدارة الخدمة المدنية بالقوات المسلحة الإماراتية، ووثائق الإقامة التى يحملونها اليوم تحوى معلومات مرعبة عن مسقط رءوسهم، وبالذات الكولومبيون، إذ أن أغلبهم جاء من مدلين، أضخم معقل لكارتل المخدرات فى أمريكا اللاتينية، حيث لا خبرة تكتسب فى أعمال الأمن، الخبرة الحقيقية هناك هى فى حماية شرف شحنات الكوكايين بأن يراق على جوانبها الدم، وبعض من كوكتيل الرعب الأسطوري، هناك يتم إطلاق الرصاص أولا. ثم يتداول الناس من بعد ذلك القصة الوهمية. للقتيل !!
اللافت للانتباه فى هذه الصفقة أنها تمت العام الماضى، وأن المرتزقة قد وصلوا ومارسوا مهامهم الاستخباراتية منذ شهور، فهل كان حكام الإمارات فى احتياج أمنى حقيقى فى 2010 يدفعهم للاستعانة بخبرات بلاك ووتر؟ هل كان الإماراتيون فى حاجة لمواجهة تهديدات إيران بخدمات شركات الأمن الخاصة الأمريكية، وأين الجيش الإماراتي؟ لقد شاركت القوات المسلحة الإماراتية فى تخليص سفينة اختطفها القراصنة قرب سواحل الصومال، وشارك الطيران الإماراتى حلف شمال الإطلنطى عملية فجر الأوديسا ضد الأراضى الليبية الشقيقة ولا يزال، فأى عوار فى قدرات القوات المسلحة الإماراتية يدعو حكومة أبوظبى للاستعانة بخبرات بلاك ووتر، هل هو الخوف من أن تشتعل الإمارات بنيران الموجات المطالبة بالديمقراطية والحرية التى تعم المنطقة العربية حاليا؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل كان الحكام الإماراتيون على بينة مما سيجرى، عندما تم توقيع التعاقد. العام الماضى؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق