الأربعاء، 16 نوفمبر 2011

إيران وإسرائيل رفيقان في سباق للهيمنة طهران النووية أكذوبة.. والاضطرابات لونها برتقالي!!

يناير 2010
9
المصدر: الأهرام العربى

بوشهر

إما أنه فشل للمخابرات، وإما أنه نوع جديد من عمليات التضليل والخداع الإستراتيجي .. وإلا فكيف نفسر تلك التناقضات الغريبة والمثيرة في صورة خطر إيران لدي الغرب، وصورة العلاقة التاريخية بين إسرائيل وإيران الإسلامية، وصورة إيران اليوم من الداخل ..هذه التناقضات باتت تعيق الطريقة التي ينظر بها الباحثون والمحللون وحتي الرأي العام الغربي لحقيقة إيران ونواياها وتقدير تطور سلوكها في المستقبل، وهي تناقضات تخفي أكثر مما تظهر .. حقيقة صورة السباق بينها وبين إسرائيل للهيمنة علي الشرق الأوسط .. وفيما يبدو أن مخابرات تل أبيب قد أفرطت في استخدامها لمراكز الأبحاث وللإعلام الغربي بصورة جعلت سحابة الدخان أكثر بروزا للعيان .. وبالتالي بات السؤال عما لا يراه الناس في الصور .. أكثر منطقية ووجاهة من سعيهم لتحليل ما يرونه في هذه الصور.. المتناقضة !!
لا نجد في الصورة الإيرانية سوي المحاولات الأمريكية الإسرائيلية لتنظيم ثورة ملونة
إسرائيل لم تكن لتوقف التعاون مع إيران في ظل حكم الملالي وفي ظل خطبهم النارية ضد إسرائيللا الدبلوماسية ولا التهديد بالعمل العسكري من شأنه أن يقنع طهران بالتوقف عن برنامج التخصيب النووي .. هذا ما انتهي إليه في مايو 2006 البروفيسور جون شيبمان المدير العام للمركز الدولي للدراسات الإستراتيجية في لندن .. ولكنه قال أيضا بالحرف: إن انضمام إيران للنادي النووي أمر مبالغ فيه بشدة وإن كان هناك إجماع علي أن حيازتها للسلاح النووي أمر سييء لا يمكن تلافيه !!.. وفي نفس العام ونفس الشهر قال مارك فيتزباتريك، كبير الباحثين في مجال وقف انتشار السلاح النووي في نفس المركز : إذا ما تخلي نظام الرئيس الإيراني أحمدي نجاد عن الحذر، فإن إيران بوسعها إحراز السلاح النووي بحلول عام 2010 وتقديري أن هذا العام يمثل أقرب التواريخ الممكنة لإحراز طهران لقنبلتها النووية ولكنه لا يشكل بالضرورة العام الذي سيتم فيه إحراز القنبلة .. وأضاف : إن تخصيب اليورانيوم هو عنق الزجاجة في طهران .. ويبدو أن الإيرانيين بسبيلهم لتجاوز الزجاجة بأكملها !!
كان هذا عام 2006، وبعد ذلك بسنوات ثلاث وفي 27 يناير 2009، وبعد أيام معدودة من تنصيب الرئيس الأمريكي باراك أوباما .. صدرت صحيفة التلجراف البريطانية بعنوان يقول (دراسة تحذر من إحراز إيران للقنبلة النووية بحلول 2010 .. !!) .. أعادت فيه ذكر التصريحات السابقة وكأنها قيلت للتو .. وأضاف المحرر الدبلوماسي للتلجراف ديفيد بلير قوله إن إيران تجاوزت في تخصيبها لليورانيوم نسبة 4 بالمائة، وهي النسبة التي بوسعها إدارة محطة للطاقة النووية، لتدخل في مرحلة تصل بها بنسبة النقاوة إلي 87.5 بالمائة وهي النسبة التي تمكن طهران من إنتاج القنبلة النووية، وأن طهران تدير 3820 جهازا للطرد المركزي داخل منشأة ناتانز النووية وأنها أنتجت 630 كيلو جراما من اليورانيوم منخفض التخصيب !!
وفي 20 مايو الماضي - أي بعد ذلك بأربعة أشهر - صدرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية بتقرير كتبه من بيروت بورزو داراجاهي بعنوان : تقارير تقلل من خطر إيران النووية .. قال فيه إن تقريرين دوليين أجمعا علي التقليل من المخاوف الدولية من البرنامج النووي الإيراني، الأول صدر عن مجموعة من العلماء الروس والأمريكيين من الباحثين في معهد إيستويست خلصوا فيه إلي أن إيران أمامها ست سنوات علي الأقل و15 سنة علي الأكثر لإحراز سلاح نووي، وأن تهديدها للأمن والسلم في الشرق الأوسط أمر مبالغ فيه .. وأن إيران لن تتمكن من إحراز صاروخ نووي ما لم تحصل علي التكنولوجيا اللازمة لذلك بمساعدة من الصين أو روسيا أو الاتحاد الأوروبي أو .. الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها !!

هنا واشنطن
الثاني بحث سياسي عسكري بدأ عام 2007 لحساب القوات الجوية الأمريكية وصدر بعد عامين عن مركز راند للأبحاث الدفاعية في واشنطن في 230 صفحة يؤكد أن إيران ليست منافسا خطيرا كما يعتقد البعض .. فهناك عقبات بارزة تقف في وجه الطموحات الإيرانية لحيازة السلاح النووي تتعلق بحقائق إقليمية وعرقية وسياسات دينية تخص إيران علاوة علي القدرات الدفاعية التقليدية المحدودة لإيران وعزلتها الدبلوماسية وأخطائها الإستراتيجية في الماضي !! ومضي تقرير راند للقول بأن : سياسة إيران الخارجية تقف من ورائها الدوافع القومية الكلاسيكية العتيقة ورغبة في الحفاظ علي وحدة أراضيها وضمان بقاء الجمهورية الإسلامية علي قيد الحياة بأكثر من الرغبة في نشر الأيديولوجية الثورية .. وصور التقرير إيران علي أنها نمر عسكري من ورق، معداتها العسكرية لا تحظي إلا بالقليل من الصيانة وكلها من طرازات عتيقة مع وجود نقص حاد في الافراد في الجيش الإيراني .. وأن طهران لا تسيطر إلا في الحدود الدنيا علي الميليشيات التي تدعمها وتحارب بالوكالة عنها وبالذات ميليشيات حزب الله وحماس وبعض الميليشيات الأخري العاملة في العراق .. علي عكس الاعتقاد السائد، وبالتالي لا ينبغي أن نتصور أن رد الفعل الانتقامي لهذه الميليشيات سيكون أوتوماتيكيا حالة وقوع صراع بين الولايات المتحدة وإيران .

بطريق الخداع
كان هذا الكلام منشورا في مايو الماضي، بعد ذلك بشهرين وفي 18 يوليو 2009، عاد الباحثون ومحللو المعلومات إلي التركيز علي تهويل الخطر الإيراني .. إذ نشرت صحيفة ناشيونال بوست الكندية سيناريو للهجوم الإسرائيلي النووي علي إيران نقلا عن مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية في واشنطن CSIS، وهو مركز للأبحاث يهيمن عليه فكر المحافظين الجدد .. وفي تقرير كتبه بيتر جودسبيد بعنوان : الصراع الذري في الشرق الأوسط سيقتل عشرات الملايين .. قال: في محاولة من الباحثين لتقييم مدي الخسائر البشرية التي يمكن أن تعقب صراعا نوويا بين إيران وإسرائيل أكد الباحث أنتوني كوردسمان - وهو بالمناسبة المدير السابق لمكتب التقييم المخابراتي بمكتب وزير الدفاع الأمريكي - أكد أن قنبلة إيرانية 100 كيلو طن تصيب قلب تل أبيب ستقتل علي الفور 8966 إسرائيليا وستصيب 3243 آخرين، لكنها خلال 3 أسابيع ستفضي لقتل 800 ألف إسرائيلي من جراء الإشعاع الذي سيعم سماوات إسرائيل، وهو ما يعني وفقا لمايكل أورين سفير إسرائيل لدي الولايات المتحدة أن تتم ازالة إسرائيل من علي الخريطة خلال لحظات .. بل إن صاروخاً نووياً إيرانياً موجهاً لإسرائيل سيؤثر علي الضفة الغربية موقعا قتلي ومصابين بالآلاف في أوساط الفلسطينيين بخلاف تلويث مصادر المياه والزراعات في وادي الأردن، وعلي المدي الطويل سيصل التلوث الإشعاعي لضواحي العاصمة الأردنية عمان التي لا تبعد سوي 108 كيلومترات عن تل أبيب .. وكرد فعل ثأري فإن قنبلة نووية إسرائيلية 500 كيلو طن علي رأس طهران ستقتل علي الفور 56 ألفاً و771 مواطنا إيرانيا وخلال أسبوع - وفقا للدراسة - سيصل عدد القتلي إلي 1.47 مليون والمصابين إلي 5.1 مليون إيراني .. وبالنظر لدقة تصويب الصواريخ الإسرائيلية علي المدن الرئيسية والقواعد العسكرية الإيرانية فإن قائمة القتلي الإيرانيين ستصل إلي عدد يتراوح ما بين 16 إلي 28 مليون قتيل خلال الأسابيع الثلاثة الأولي !!
ومضي التقرير لينقل عن القائد العسكري الأمريكي الكبير الأدميرال مايك مولين قوله : لا أري فارقا كبيرا بين الاتجاه الذي تسير فيه طهران وبين المخاطر المحتملة التي قد تقود إليها التطورات، وما يقلقني هو أن الساعة لا تزال تدق، وأن إيران في حالة تركيز شديد لإحراز القدرة النووية، وهذا هو المكان الضيق الذي نقف فيه .. ومضي التقرير أيضا لينقل عن دراسة صدرت منذ عامين عن معهد الدراسات الإستراتيجية في تل أبيب قولها: الوقت يعمل لصالح إيران ويعيق العمل العسكري .. إن حيازة إيران للسلاح النووي هي مسألة وقت .. وأضاف التقرير الصحفي : الآن تتوقع الوكالات الاستخبارية الإسرائيلية أن إيران ستمتلك السلاح النووي بأواخر عام 2010، بينما تتجه تقديرات المجتمع المخابراتي في الولايات المتحدة إلي أن ذلك لن يحدث قبل 2013، وخلص التقرير الصحفي إلي أن المشكلة الرئيسية التي تواجه المخططين في الجيش الإسرائيلي هي نقص المعلومات الاستخبارية الواضحة بشأن كامل البرنامج النووي الإيراني .. وأن أغلب المحللين الإستراتيجيين يجمعون علي أن هناك 3 أهداف واضحة يتوجب تدميرها لتعطيل البرنامج النووي الإيراني .. منشأة التخصيب النووي في ناتانز حيث يوجد 50 ألف جهاز للطرد المركزي ومفاعل الماء الثقيل في اراك ومنشأة تحويل اليورانيوم قرب أصفهان !!
وبعد نشر هذا التقرير بيومين، صدر عن باحث في( حرب المعلومات) اسمه كورت نيمو مقال نشر علي موقع infowars بعنوان : مركز أبحاث كوني يقرأ طالع سيناريو الهجوم الإيراني .. قال فيه إن كل التقارير الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تؤكد بوضوح أن إيران لا تسعي للقنبلة النووية بالسرعة التي يتحدث عنها الإسرائيليون، وإننا إذا صرفنا النظر عن قصص الخيال العلمي التي نسجها مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية في واشنطن، فإن إيران لم تتمكن سوي من إنتاج كمية ضئيلة من اليورانيوم باستخدام ما لا يزيد علي 164 جهاز طرد مركزي، وأن الكمية التي أنتجتها إيران من اليورانيوم المخصب لا تكفي لاستخدامها في سلاح نووي لأنها لا تحوي سوي 3.5 بالمائة من اليورانيوم 235 .. بينما يتطلب، إنتاج سلاح نووي يورانيوم عالي التخصيب يحوي 90 بالمائة من المادة ذاتها .. وأنه إذا صرفنا النظر عن اليورانيوم عالي التخصيب .. فإن إيران لديها مشكلات مع اليورانيوم منخفض التخصيب الذي قامت بإنتاجه وفقا لتقارير الوكالة الدولية التي أكدت مرارا وجود عوائق تقنية ونقص في كفاءة المعدات من شأنه أن يعيق إيران عن تنقية المزيد من اليورانيوم لاستخدامه عسكريا .. لكن - والكلام لا يزال للباحث - فيما يبدو أن هذه الحقائق لا تعيق الإسرائيليين ولا المحافظين الجدد عن المزاعم الهيستيرية بأن إيران لديها من اليورانيوم المخصب ما يكفيها لإنتاج واحدة أو اثنتين من القنابل النووية كتلك التي أسقطت علي هيروشيما .. كما كتب يوري دان في صحيفة جيروزاليم بوست في اوائل 2006، أو كالزعم بأنه إن لم تكن طهران قد امتلكت القنبلة النووية فكيف لها بتهديد إسرائيل بإزالتها من الخريطة .. كما استنتج رافي إيتان المهندس الرئيسي لجهازي الشين بيت والموساد الإسرائيلي .. أو كما تنبأ عميل الموساد الأشهر فيكتور أوستروفسكي .. أن الحرب لا ينبغي أن تتم سوي بالخداع !!
ومضي الباحث للقول : لقد ثبت بالبرهان أن أحمدي نجاد لم يدع لإزالة إسرائيل من علي الخريطة وانه لم يرد في أي من خطبه لفظ ( خريطة) .. عكس ما يردد إيتان والمحافظون الجدد ومن ورائهما الإعلام الغربي وفي مقدمته صحيفة النيويورك تايمز .. وإنما الثابت هو أن نجاد قد أعلن رغبته في زوال الصهيونية السياسية .. وهو أمر فيما يبدو يشبه ازالة إسرائيل من علي الخريطة لدي الإسرائيليين .. وأن القصة الخرافية التي روج لها مركز الابحاث الأمريكي الشهير جاءت في أعقاب فشل المخابرات الإسرائيلية والأمريكية في تخريب الانتخابات الإيرانية وتنظيم ثورة ملونة - علي غرار أعمال الفوضي الخلاقة في اوكرانيا البرتقالية - وأن هذه المزاعم جاءت أيضا بالتزامن مع المناورات البحرية الإسرائيلية الاستفزازية التي جرت في البحر الاحمر كبروفة لمهاجمة إيران .. والحق أنه في العالم الواقعي لا يوجد تهديد نووي للشرق الأوسط سوي إسرائيل ذاتها .. انتهي كلام كورت نيمو

عمي الألوان
واليوم .. وقد حل عام 2010 ليحمل في جرابه الانشطار الإيراني الكبير .. لا نجد في الصورة الإيرانية سوي المحاولات الأمريكية الإسرائيلية لتنظيم ثورة ملونة .. ذلك الذي سبق أن فشلا فيه استخباراتيا منذ شهور .. لكن من وراء سحب الدخان توجد حقيقة غاية في الخطورة .. يكشفها بحث أصدره مشروع الشرق الأوسط للأبحاث والمعلومات في نيويورك أو MERIP .. هذا البحث كتبه تريتا بارسي مؤلف كتاب (المثلث المراوغ : الصفقات السرية لإيران وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية) .. الذي صدر عن جامعة يال الأمريكية2006، البحث المنشور عنوانه : خلف حجاب الأيديولوجيا .. التنافس الإستراتيجي الإسرائيلي الإيراني .. وفي هذا البحث يظهر ما كنا لا نراه في الصور .. بسبب ما يعيق أعيننا من سحب الدخان .. إذ يمضي الباحث للقول إن إسرائيل لم تكن لتوقف التعاون مع إيران في ظل حكم الملالي وفي ظل خطبهم النارية ضد إسرائيل .. وأن إسرائيل - برغم ذلك - كانت ومنذ عام 92 تسعي لعزلة إيران دوليا لأسباب تتعلق بالتنافس علي الهيمنة علي منطقة الشرق الأوسط .. وأن حكاية المزاعم بالتهديد النووي الإيراني بدأت عام 92، وأن الحكاية كما يرويها إيتامار رابينوفيتش سفير إسرائيل السابق لدي واشنطن بدأت مع الانزعاج الإسرائيلي الشديد لاصحاب القرار في تل أبيب من التقارب الأمريكي الإيراني الذي اعتبرته تهديدا كون هذا التقارب قد يكون علي حساب إسرائيل وعلي حساب الثقل الإقليمي لها في منطقة الشرق الأوسط .. وقد جاء هذا التحول في ظل حكومة كان يتزعمها إسحاق رابين وشيمون بيريز .. وهما الشخصيتان اللتان كانتا حتي 1992 ، تتحدثان عن مبادرات لتحسين العلاقات ما بين أمريكا وإيران الخوميني التي كادت أن تصل لمشهد النهاية بفضيحة إيران كونترا .. وكانت التصريحات الملتهبة التي تصدر عن رابين وبيريز غير مسبوقة .. بيريز الذي كان وقتها وزيرا للخارجية اتهم إيران بأنها وراء كل سحب الدخان في الشرق الاوسط زاعما أن الفشل في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يجد جذوره في توسيع إيران للهوة ما بين الطرفين لا التقريب بين وجهات النظر .. وفي يناير 93 وأمام الكنيست تحدث رابين رئيس الوزراء آنذاك عن ضرورة الكفاح ضد الإرهاب الإسلامي القاتل وضرورة إيقاظ العالم من سباته فيما يتعلق بمخاطر الأصولية الشيعية .. وانتهي إلي أن (الموت يقف علي أعتاب أبوابنا) وهو الذي كان يتحدث قبل ذلك بخمسة أعوام عن إيران حليف إسرائيل الإستراتيجي !!
ومنذ ذلك الحين ولليوم والتنافس الإستراتيجي لا يخفي وجهه، حتي وإن كان هناك تعاون علي أخطر المستويات الاستخباراتية بين الطرفين .. بل إن هذا التعاون كان مستمرا في الوقت الذي تمكنت فيه المخابرات الإسرائيلية من أن تدفع الرئيس بوش لضم إيران إلي عراق صدام وتصنيفهم - برغم تناقضاتهما وصراعاتهما - محورا للشر في العالم .. بعد 11سبتمبر مباشرة !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق