الأربعاء، 16 نوفمبر 2011

سلسلة النور المظلم وخديعة العالم الكبرى(4): رأسان يديرهما عقل واحد

 

masonic

الجزء الأول: نخبة عالمية وأخويات سرية

الجزء الثاني: أساسات النظام العالمي الجديد

 الجزء الثالث : كيف يفكر النخبة ؟

 بقلم : عبد المجيد عقيل
الجزء الرابع: رأسان يديرهما عقل واحد
كنت قد تحدثت في الفصول الثلاثة السابقة من هذه السلسلة، عن حركة العصر الجديد، وعن مشروع النظام العالمي الجديد الذي تعمل النخبة العالمية على إرسائه، من خلال برنامج عمل غاية في الدقة، يقوم على وضع الأسس السياسية والاقتصادية والتكنولوجية والدينية، لحركة التنوير المنتظرة.
وقبل أن أتحدث عن برنامج عمل الأخويات التنويرية في الماضي القريب، وفي الوقت الراهن، وقبل أن أتحدث عن الأدوات المادية التنفيذية التي يتم من خلالها إدارة برنامج العمل هذا، كان لابد وأن أتحدث عن “الفكر التنويري”، والفلسفة الماسونية المتبعة في تحريك تلك الأدوات والآليات التنفيذية.
فتحدثت في الجزء الماضي كيف تعتمد الماسونية العالمية خطةً شاملة في تجريد الجماهير من وعيها بشكل مستمر، من أجل تجنيد الرأي العام المحلي والعالمي دائماً لخدمة المشاريع الماسونية، عوضاً عن الاصطدام برغبات تلك الشعوب.
” لابد من تكريس الغضب الشعبي لمصلحة برنامج عمل الأخوية عوضاً عن مواجهته “
ومن أجل قيادة القطعان البشرية المسلوبة الوعي، كان لابد للماسونية العالمية من اتباع مجموعة من السياسات، من أهمها سياسة “المشكلة والحل” أو سياسة “الداء والدواء” التي تحدثت عنها في الجزء السابق.
أما ما سأتحدث عنه اليوم، فهو سياسة أخرى، أعتبرها شخصياً، الوقود الرئيسي الذي يحرك الآليات السياسية والاقتصادية والفكرية والإعلامية بما يخدم مصالح الماسونية العالمية، ويمضي قدماً ببرنامج عمل الأخوية.
تدعى هذه السياسة بسياسة القطبين الموجب والسالب.
إن ما يجب أن ندركه جيداً، أن الماسونية، وعلى خلاف ما يعتقد به كثيرون، ليست اسرائيل، وليست الولايات المتحدة، وليست الحركة الصهيونية، أو العقيدة اليهودية. إنما الماسونية هي التطرف بجميع أشكاله، وهي النزعات المتعصبة بجميع أشكالها، وهي النظرة الأحادية، والأفق الضيق، والعنف الناتج عن الجهل.
لقد عملت الماسونية العالمية دائماً وأبداً، على خلق النزعات المتطرفة، سياسياً وفكرياً ودينياً وفلسفياً وعرقياً، أو تغذيتها واستغلالها، بما يضمن تحويل تلك النزعات المتطرفة، إلى قوى وأطراف لها وجودها القوي، على خارطة الصراعات العالمية، ومن ثم التلاعب بجميع تلك الأطراف، والزج بها في صراعات مميتة، لإبقاء شعوب العالم في حالة دائماً من الاقتتال.
أما والغرض من ذلك، فهو غرض سياسي أولاً، استناداً إلى نظرية “فرق تسد”، إذ يمكن ملاحظة العلاقة الطردية ما بين تطور الصراعات السياسية، وتقسيم دول العالم شيئاً فشيئاً، إلى دويلات أصغر فأصغر. إن عدد دول العالم يزداد بشكل مستمر ومتسارع، وهو ما يخدم مشروع النظام العالمي الجديد، القائم على الحكومة العالمية الموحدة، المهيمنة على الدويلات الصغيرة الضعيفة المجزأة، المتعادية فيما بينها.
وهو غرض اقتصادي كذلك.
شخصياً، أعرٌف السياسة العالمية، على أنها تجارة حرب. كبار الساسة شركاء فيها، بينما تدفع ثمنها شعوب العالم، من جيوبها، وأمانها، واستقرارها، وحتى دمائها وأرواحها.
بالإضافة إلى أن الحروب، لابد وأن تؤدي، إلى تدمير القوة الاقتصادية للدول المشاركة، وهذا ما يعني وضعها تحت مديونية أكبر، للأنظمة البنكية العالمية، التي تتبع بدورها، إلى قوة ماسونية اقتصادية واحدة.
تقوم سياسة القطبين، الموجب والسالب، على خلق، أو تغذية، خلاف معين، سياسي أو اقتصادي أو عرقي أو طائفي أو تاريخي، بين طرفين معينين، بغرض تحويلهما إلى قوتين حقيقيتين متصارعتين. ومن ثم تقوم الماسونية العالمية من خلال عملائها المدسوسين والمتغلغلين لدى كل من الطرفين، وفي أدق المراكز المؤثرة سياسياً واقتصادياً وفكرياً، على تصعيد حالة التوتر بين الطرفين، الأمر الذي يتزامن مع زيادة تسليحهما وتجهيزهما للمواجهة المنتظرة، ومن ثم يتم تلفيق حادثة ما، كحادثة اغتيال، أو تفجير، لتكون بمثابة الفتيل، والسبب المباشر، لزج الطرفين في حرب حقيقية مدمرة لكليهما، بعد أن يكون الطرفان قد وصلا إلى مرحلة يستطيع فيها كل منهما إيذاء الآخر.
ويتم تطبيق سياسة القطبين هذه، على مختلف المستويات، بدءاً من الحروب الأهلية الداخلية، وانتهاءً بالحروب العالمية. إذ نلاحظ قبل بدأ كل حرب عالمية، تسارع الظروف والأحداث باتجاه توقيع معاهدات واتفاقيات، وتكوين أحلاف بما يضمن تقسيم العالم إلى معسكرين كبيرين. يزداد التقارب بين الدول المشكلة لحلف ما، وفق مصالح استراتيجية معينة، بينما يزداد التنافر بين المعسكرين، إلى أن تأتي الحادثة الملفقٌة، لتكون بمثابة القشة التي تقصم ظهر البعير.
من يراجع التاريخ القريب والبعيد لابد وأن يلحظ الوجود القوي لهذه السياسة الخبيثة.
اغتيال ولي العهد النمساوي وزوجته من قبل “طالب صربي” في البوسنة والهرسك، الذي أشعل فتيل الحرب العالمية الأولى.. الضربة “العفوية والغير مقصودة” لغواصة أمريكية من قبل القوات الروسية في آخر الحرب، الذي “أجبر” الولايات المتحدة على الانخراط في الصراع.. أحداث سبتمبر وأسطورة أسامة بن لادن وأكذوبة الحرب على الإرهاب.. واليوم، السيناريو الهوليوودي لمحاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن من قبل المخابرات الإيرانية!!
تسريبات كثيرة، تقول بأن الرئيس الأمريكي السابق “جورج بوش” ورئيس الوزراء البريطاني “طوني بلير” كانا مؤمنين فعلاً بامتلاك العراق لأسلحة دمار شامل، وأن الإدارة الأمريكية كانت تتلقى الكثير من التقارير المزيفة بفضل الخلية التي يديرها اليهودي المتنور “أبراهام شالسكي” في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية. وكذلك الأمر بالنسبة إلى التقارير الميدانية المغلوطة، التي أكدت للإدارة الأمريكية أن الشعب العراقي سيرحب بالقوات الأمريكية، ويستقبلها استقبال المحرر. وهو ما أدى إلى توريط الولايات المتحدة لاحقاً في لعبة مرهقة جداً.
إن فهم نظرية القطبين الموجب والسالب، يقدم لنا زاوية جديدة لإبصار السياسة العالمية، تخولنا لفهم طبيعة الكثير من الأحداث التي تبدو معقدةً وفاقدةً لتفسيرها المنطقي. فنلاحظ على سبيل المثال الكثير من الحماقة في تصرف الأجهزة الأمنية في بعض البلدان، في وقت تتعرض فيه لحملة تصعيد شرسة، وأزمة داخلية تزداد تفاقماً نتيجة هذه الحلول الأمنية. أي في الوقت الذي تتعرض فيه بعض البلدان لمؤامرة خارجية، نلاحظ أن ممارسات أنظمة تلك البلدان تساعد على إنجاح تلك المؤامرة، وهنا يبرز سؤال هام: هل هو غباء أم شيء أكبر من ذلك؟
وأقول هنا، عندما نفهم سياسة القطبين بشكل عميق، سنكف عن تصوير الصراعات العالمية، أو حتى المحلية، كصراعات حقيقية بين طرفين، إنما هي في الواقع أجندة تديرها منظومة سياسية عالمية واحدة. وعندما تريد هذه المنظومة تحقيق هدف معين، تتحرك من أجل هذه المنظومة جميع الآليات السياسية والاقتصادية والإعلامية في الداخل والخارج، ولدى جميع الأطراف.
لنلاحظ غياب الموقف السياسي الوسط، والدين الوسط، والإعلام الوسط، وكيف أن كل من يتخذ موقفاً وسطياً يتم إقصاؤه أو تجاهله على الخارطة السياسية، لأن التطرف هو دائماً القانون الأساسي في اللعبة.
هل يتصدى الإعلام المحلي في سوريا هذه الأيام للإعلام الخارجي المغرض؟
أقول بأنه لا يساعد إلا على إنجاح المؤامرة أكثر.
هل هذا نتيجة غباء وفشل إعلامي؟
لا أظن ذلك، هناك ما هو أخطر بكثير، وهناك على رأس الهرم من يتحكم بغباء الآخرين.
أتحدث هنا عن الإعلام لأن له الدور الأكبر في تجييش القطعان البشرية في فريقين لا ثالث لهما، فبغياب الإعلام الوسط، يجبر المشرفون على المؤامرة الناس على الرؤية بعين واحدة، وبالتالي رؤية وقائع متناقضة تماماً، تأجج لدى كل منهما مشاعر الكره والبغض والانتقام والتخوين تجاه الآخرين ممن يخالفهم الرأي.
وعندما نتناول السياسة من زاوية نظرية القطبين، علينا أن نفرق بين نوعين من رجال السياسة: العملاء الكبار للأخوية الذين يتحكمون في سياسات الأنظمة والتيارات المختلفة لتنفيذ برنامج عمل الأخوية، ورجال السياسة الذين يساعدون على إنجاح البرنامج دون قصد، نتيجة قناعاتهم الخاصة أو انجرافهم مع تيار المنظومة.
تراودني شكوك كثيرة حول مقتل كل من أسامة بن لادن وصدام حسين والعقيد معمر القذافي، بنسب متفاوتة، وتعود صحة هذه الشكوك أو خطأها، إلى أدوار هذه الشخصيات. فالقذافي على سبيل المثال ساعد في سياساته قبل وبعد الأزمة على تدخل حلف شمال الأطلسي في بلاده. هنا أقول، القذافي ساعد على إنجاح المؤامرة، وعلى إنجاح برنامج العمل الأخوية، فإن كان القذافي مارس دور “المنفعل” وشارك نتيجة موقفه السياسي المستقل دون قصد في المؤامرة، فإن قتله صحيح.
إما إن كان القذافي متورطاً في المؤامرة ومارس دور “الفاعل”، أي كان شريكاً في تجارة الحرب، والمؤامرة العالمية الكبرى، وهو الاحتمال الذي أرجحه أكثر، فهو قد أنجز مهمته بنجاح، وتم تهريبه الآن مع أمواله وأرصدته البليونية في البنوك السويسرية، إلى إحدى الأماكن النائية ليكمل حياته بهناء.
وإذا عدنا إلى الحرب العالمية الثانية، التي سأتحدث عنها بتفصيل أكثر لاحقاً، نجد أن أدولف هتلر كان واحداً من كبار الماسونيين والمتنورين في عصره، وزعيماً لواحد من أكبر المحافل الماسونية، وقد كان من حاربهم أيضاً من أرباب وكبار الماسونيين في العالم. أي أن الحرب النازية-الشيوعية كانت حرباً ماسونية-ماسونية.
أقاويل كثيرة عن إقامة هتلر 19 عاماً في الأرجنتين بعد شائعة انتحاره في برلين والتي يحوم حولها غموض كثير.
أتساءل أيضاً: هل موقف المنظمات العالمية، وجامعة الدول العربية اليوم، هو موقف لصالح النظام السوري أم المعارضة؟ سيتهم الموالون للنظام تلك المنظمات بالتآمر عليهم، بينما سيتهم المعارضون تلك المنظمات بعدم التعاون في إدانة النظام. إن موقف هذه المنظمات في الواقع هو عين أفعال الماسونية. دعم الأطراف المناوئة لبعضها البعض للاستمرار في الاقتتال. وإن كان هناك تدخل دولي سيحصل، فلن يحصل إلا بعد وصول كل من النظام والمعارضة، وبالتالي سوريا بأكملها، إلى حالة من الإعياء والإنهاك.
وأقول في الختام، إن كان العالم يعيش في صراع بين رأسين، فإن من يدير هذين الرأسين هو عقل واحد.
————————————————————————–
في الجزء القادم من السلسلة: وقبل أن أتحدث عن كيفية تجنيد السياسات الماسونية للتحكم في الأحداث السياسية في المئة سنة الأخيرة، وعن الآليات التي تحقق لهم ذلك، سأتحدث عن الأسباب التي تدفعني لتبني نظرية المؤامرة الكبرى، وعن وجهة نظري في كيفية التصدي لتلك المؤامرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق