الأربعاء، 16 نوفمبر 2011

سلسلة النور المظلم وخديعة العالم الكبرى، الجزء الثالث.

بواسطة Mhd.Naj · سبتمبر 24, 2011 · 1 تعليق
الجميع, دراسات وترجمات ·
18
Shareبقلم : عبد المجيد عقيل

الجزء الثالث : كيف يفكر النخبة ؟


كنت قد تحدثت في الجزء الماضي من السلسلة عن مشروع النظام العالمي الجديد الذي عملت النخبة العالمية متمثلةً في تنظيم الطبقة المستنيرة، ومن خلال شبكتها الماسونية العالمية، على الإعداد له، وإرساء قواعده وأساساته، متمثلةً في أربع قواعد رئيسية: هيمنة سياسية من خلال حكومة عالمية موحدة، ونظام عالمي مركزي، وهيمنة اقتصادية احتكارية من خلال عملة الكترونية موحدة يتحكم بها نظام بنكي نخبوي واحد، ووحدة دينية تحت لواء الدين التنويري الشيطاني “الإلوميناتي”، والذي (ابتكرته) النخبة العالمية من أجل استكمال عملية استعباد البشرية بإجراء عملية غسيل دماغ محكمة. بالإضافة إلى الإبهار العلمي والتكنولوجي، لإكمال عناصر القوة والسيطرة لحركة العصر الجديد.

سألني أحدهم ، ما المشكلة في حركة العصر الجديد إذاً إذا ما كانت ستأتي للعالم بوحدة سياسية واقتصادية ودينية؟

هنا يجب أن ندرك حقيقتين مهمتين، الأولى هي أن الأخويات النخبوية في ظل سعيها لإرساء معالم النظام العالمي الجديد، تتبع برنامجاً قذراً، وهي تمارس من أجل هذا البرنامج حملة إبادة جماعية ضد الانسانية، من خلال الحروب العسكرية والنووية والبيولوجية والكيميائية والجرثومية. إن كنت تؤمن معهم بأن “الغاية تبرر الوسيلة” وكنت مستعداً للمشاركة في حركة تقوم على المتاجرة بالدماء والأرواح، واغتصاب الانسانية من أجل مشاريعها، أياً كانت هذه المشاريع، أو كنت مؤيداً حتى لهذه الحركة، فعذراً، أنت شريك في أكبر جريمة عرفها تاريخ الانسانية.

إن أولى الأفكار التي يتم زراعتها في عقول أبناء الشخصيات النخبوية، من عائلات نخبوية عالمية، وسلالات مالكة، هي ضرورة التجرد من كافة القيم الانسانية، في سبيل تنفيذ برنامج الأخوية، فمن أجل هذا البرنامج، يجب أن تعامل “البشرية غير النخبوية” تماماً كما تعامل الحيوانات. لا رحمة، لا شفقة، لا انسانية.

أما الحقيقة الثانية، فهي أن ذلك المشروع الجميل والرائع، عند الانتهاء منه، لن يكون مشروعاً شعبياً لجميع الناس. إن كنت تعتقد بأن عالم ديزني الذي تعد به حركة العصر الجديد هو عالم ستنعم به أنت وغيرك فأنت مخطئ جداً. فهذا المشروع قد أوجدته النخبة العالمية من أجل نفسها، أي من أجل أن تحتكر كل ما فيه لذاتها، ولمنفعتها الشخصية، بينما ستستعبد “البشرية غير النخبوية” في ذلك العالم، لمصلحة النخبة القليلة الحاكمة.

أقولها مرةً أخرى، إذا كنت مؤيداً حتى ضمنياً، لحركة تريد إبادة البشرية من أجل استعباد ما تبقى منها، فأنت شريك في هذه الجريمة، ومسؤول عن كل روح تزهق كل يوم بسبب برنامج عمل الأخوية. ثم عليك أن تعلم بأنك مخطئ جداً إن اعتقدت بأنك بتأييدك لتلك الجريمة، أو حتى مشاركتك فيها، ستحصل على نصيبك من نجاحها لاحقاً. أنت لن تستفيد من تلك الجريمة، ولا من حركة العصر الجديد، إلا أذا كنت من أصحاب الثروات البليونية، أو كنت تحمل اسم عائلة “الروتشيلد” أو “الروكفيلر”، أو كانت تجري في عروقك دماء ملكية نخبوية!

وبالعودة إلى برنامج عمل النخبة، يبرز سؤال آخر، كيف سيتمكن برنامج عمل الأخوية من إرساء معالم حركة العصر الجديد؟ وكيف بإمكان أية حركة في هذا الزمن أن تقيم نظاماً عالمياً مركزياً قائماً على وحدة السياسة والاقتصاد والثقافة والدين؟

سنتمكن من الإجابة على ذلك السؤال، عندما ندرك طبيعة الفكر الماسوني، وعندما نفهم كيف تفكر النخبة العالمية. كنت قد قلت سابقاً، ومنذ بداية السلسلة، أن فهم الفكر الماسوني يعني فهماً أفضل للسياسة، كما ويعني رؤيةً أكثر وضوحاً وشمولية للأحداث العالمية المختلفة، وفي كافة الميادين.

لقد أدرك النخبة منذ البداية أن الطاقة البشرية هي الأساس، لا توجد قوة في العالم قادرة على إخضاع الجماهير بقوة السلاح، ولا يمكن إطلاقاً أن تغصب الجماهير على القبول بحاكم ما، أو أن تفرض عليهم تياراً أو حزباً سياسياً بالقوة فقط، فقد أثبت التاريخ أن لا الدبابات، ولا أعتى الأسلحة العالمية، قادرة على إخماد الغضب الجماهيري، وإخضاع الشعوب، طالما أن تلك الشعوب تمتلك الإرادة، حتى لو خرجت لمواجهة أعظم تكنولوجيا حربية بصدور عارية.



وعوضاً عن أن تصطدم مشاريع النخبة بإرادة الجماهير، وتخوض ضدها حرباً خاسرة، تقوم سياسة النخبة على الالتفاف على تلك الجماهير، والتلاعب بعقولها ومشاعرها، فتستمد شرعية كل خطوة تقوم بها في برنامجها من رغبات الجماهير أنفسهم، وتبني كل مرحلة جديدة ضمن مخططها على قاعدة جماهيرية واسعة النطاق.

أمريكا لم تستطع الدخول إلى العراق -على سبيل المثال-، إلا بعد أن استندت إلى قاعدة جماهيرية “عراقية” مناهضة لديكتاتورية “صدام”، وإلى رأي عام أمريكي محلي، زرعت في وجدانه فكرة أن شن هذه الحرب أمر ضروري لحماية الأمن القومي في أمريكا بعد أحداث سبتمبر، وبعد أن استندت كذلك إلى الرأي العام العالمي في إطار ما يدعى بالحرب على الإرهاب، بعد أن صنعت ما يدعى بالـ “إسلاموفوبيا”.

هكذا تدار السياسة، حتى الاحتلال يحتاج إلى قاعدة جماهيرية في البلد المحتل وإلى أن يلقى قبولاً من الرأي العام المحلي والعالمي. لا يمكن أن ينجح احتلال اعتمد في غزوه على القوة العسكرية فقط، إنما ينجح الاحتلال عندما يغزو عسكرياً وفكرياً وإعلامياً في آن واحد.

وأعيد ما أقوله في كل مرة، يمثل الشعب القوة الأكبر والأعظم والأكثر تأثيراً على مستوى العالم أجمع، لا توجد في العالم قوة أكبر من قوة الشعب، لكن هذه القوة تمثل سلاحاً ذا حدين، فأن يتمتع الشعب بالقدرة على تسخير تلك القوة لصالحه، فإن ذلك يعني بأن هذا الشعب “سيستجيب له القدر فعلاً”، وسيتمكن من قيادة نفسه وتحقيق مصالحه وصناعة المعجزات، أما عندما يتم تجريد الشعب من “وعيه”، فإن تلك الطاقة البشرية ستتحول إلى مجرد “قطعان بشرية”، تمتلك قوة التأثير ذاتها، لكنها فاقدة لبوصلتها، تائهة لا تعرف طريقها. عندها ستحتاج تلك القطعان البشرية إلى راع يقودها، وهنا يأتي دور العقول النخبوية الخبيثة التي ستستلم مكانها في قيادة تلك الجماهير، فتسوقها وتستغل قوتها من أجل تحقيق مصالحها لا مصالح الجماهير المساقة.

لذلك، فإن الحرب النخبوية الماسونية عبر التاريخ لم تكن موجهة ضد الجماهير ذاتها، إنما كانت دائماً مركزةً ضد وعي تلك الجماهير، من أجل سلبها ذلك الوعي، ومن ثم قيادتها كما ترغب عقول النخبة.

ومن أجل حربها ضد هذا الوعي الجماهيري، تسخر الماسونية العالمية كافة الأدوات المتوفرة لديها، من خلال سيطرتها على الإعلام العالمي، وتغلغلها ضمن المحافل الدينية، وإشرافها على وضع المناهج التعليمية والتدريسية في جل أنحاء العالم، وقيامها بزرع النظريات السياسية والدينية والعرقية والطائفية المتطرفة في وجدان الجماهير من خلال الأحزاب والتيارات المختلفة في كل مكان من هذا العالم.

وبعد أن تنجح الماسونية العالمية في سلب الجماهير وعيها، وتحويلها إلى مجرد قطعان بشرية مساقة، خلف إعلامها ونظرياتها المتطرفة التي زرعتها، يأتي هنا دور النخبة في توجيه تلك القطعان البشرية على الشكل الذي تريده، من أجل تحقيق غاياتها وتنفيذ سلسلة المراحل المتتالية من برنامج عمل الأخوية.

هنا، تسوق الماسونية العالمية القطعان البشرية وفق مجموعة من السياسات الذكية، إنما القائمة على فلسفة السهل الممتنع، أي أنهم ينطلقون في سياساتهم المختلفة من فلسفات بسيطة، يبنون عليها خططاً أكبر وأكثر تعقيداً.

إلا إنني ومن خلال دراستي المستفيضة لسياسات النخبة، والفكر الماسوني في العالم، فإنني ألخص السياسات المتبعة في قيادة الجماهير واستغلالها، في مجموعتين رئيسيتين، تندرج تحتهما جل السياسات المتبعة في برنامج عمل الأخوية. أعرف المجموعة الأولى بمجموعة سياسات “الداء والدواء”، والمجموعة الثانية بمجموعة سياسات “القطب الموجب والقطب السالب”. بواسطة هاتين السياستين وما يندرج عنهما من سياسات فرعية، تتمكن الماسونية العالمية عن طريق أدواتها المختلفة، من إدارة الطاقات الجماهيرية في العالم.



ما هي سياسة الداء والدواء؟

إنها واحدة من أذكى السياسات التي تتبعها المنظمات النخبوية بشكل شمولي، أو بشكل جزئي عن طريق الحكومات المصغرة العميلة للماسونية في جل أنحاء العالم. تعرف هذه السياسة كذلك بسياسة “مشكلة-حل”، إذ يقوم النخبة بخلق مشكلة ما، ومن ثم يلقون إلى الجماهير بالحل، يتحول هذا الحل بدوره إلى مشكلة لاحقاً، ويأتي دور النخبة في الإلقاء مرةً أخرى بحبل النجاة، وتستمر هذه السلسلة إلى ما لا نهاية.



إن سياسة المشكلة والحل، هي تلك السياسة التي تخلق الإرهاب العالمي، ومن ثم تخلق “الحرب على الإرهاب”. إنها تلك السياسة التي تتبعها الحكومات في تسهيل ظهور الميليشيات المسلحة المناهضة لها، وتسهيل تسليحها، حتى يتسنى لها استخدام أدواتها القمعية بحرية تامة، وأن تظهر أمام الجماهير بمظهر المنقذ، فيأتي النظام القمعي الديكتاتوري كـ “حل” لفوضى الصراعات المسلحة.

إنها تلك السياسة التي تصدر من أجلها معامل الأدوية الكبرى على مستوى العالم الأمراض والأوبئة بشكل سنوي، فتارةً جنون البقر، وتارةً انفلونزا الخنازير، وتارةً انلفونزا الطيور، ومن ثم تكسب المليارات من عملية بيع الأدوية.



إنها تلك السياسة التي تصنع الأنظمة الديكتاتورية والفاسدة لتحرض على الثورة ضدها في وقت لاحق، كيف؟

تدعم القوى الكبرى في دول العالم الديموقراطي، الأنظمة الاستبدادية في البلدان النامية ودول العالم الثالث، وتساعدها على تثبيت أقدامها في المناطق التي تحكمها، فتتغذى تلك الدول الكبرى على فساد البلدان النامية، تماماً كما يحدث في الحكومات الفاسدة، المسؤول الذي يرتشي هو مجرد بيدق في اللعبة. هو يأكل نعم، لكنه يطعم “من فوقه” أضعاف ما يأكل. وعندما يزداد الاحتقان الجماهيري ضد ذلك المسؤول، تقوم القيادة الفاسدة بإقصائه والإطاحة به ككبش فداء، وتستبدله بآخر. يكون البيدق قد سقط في لعبة الفساد، إنما الملك الفاسد بقي كما هو.

هكذا هي الأنظمة الفاسدة في البلدان النامية، تطعم من فسادها الأنظمة الأقوى منها، مقابل أن تدعمها تلك الأنظمة الكبرى في تثبيت أقدامها أكثر وأكثر، وتصون لها كرسيها، ثم يبدأ الاستياء الشعبي، وتتصاعد أصوات الجماهير، فتطيح تلك القوى الكبرى بذلك النظام الاستبدادي لتستبدله بنظام عميل من نوع آخر، أي أنها تلتف على الجماهير بطريقة خبيثة، فيكون النظام الفاسد الصغير قد سقط، إنما بقي الفاسد الكبير في مكانه، بل إنه سيظهر في ذلك الوقت بمظهر المنقذ، الذي أنقذ الجماهير من جلادها.

ولأجل أن تتمكن تلك القوى العالمية الكبرى، من قلب الأنظمة العميلة لها متى ما انتهت صلاحيتها، تريد تلك القوى من النظام الفاسد أن يكون قمعياً ديكتاتورياً، وأن يمحو أي أثر للحياة الديموقراطية. هذا يوفر للقوى العالمية الكبرى المحافظة على النظام العميل لها بإبقاء الجماهير تحت حاجز الخوف، كما يوفر لها بالمقابل القدرة على الإطاحة بهذا النظام، طالما أنها تستطيع كسر حاجز الخوف متى أرادت، عن طريق آلياتها المختلفة السياسية والاقتصادية والإعلامية.

لاحظوا أن الطائفة التي تحكم في الكثير من البلدان العربية والإسلامية وبلدان العالم الثالث تمثل فئة أقلية، هذا أمر مقصود منذ البداية، يجب أن تكون هناك أحقاد طائفية نائمة، ومناطق معينة تمثل بؤراً نائمة إنما قابلة للانفجار في أية لاحظة، فالماسونية العالمية تدعم النظام الديكتاتوري، إنما تضع منذ البداية “الأزرار” التي تستطيع بضغطة واحدة أن تزيل ذلك النظام، إذا ما أرادت النخبة ذلك.

ولنفهم هذه الحقائق أكثر، فلنعد بالزمن إلى التاريخ القريب، وتحديداً إلى فترة الحرب العالمية الأولى، لقد قامت في ذلك الوقت الثورة العربية الكبرى ضد الحكم العثماني للعالم الإسلامي، ومن المعروف أن بريطانيا كانت الداعمة الأولى لتلك الثورة. سقط النظام العثماني الذي بدا استبدادياً فاسداً في آخر مراحله. لكن هل استفادت الشعوب العربية؟

إن من استفاد من الثورة العربية الكبرى سنة 1916، هي فرنسا وبريطانيا وإيطاليا، تم تقسيم العالم العربي وفق “سايكس بيكو”، واغتيال حرية وسيادة الشعب الفلسطيني وفق “وعد بلفور”، وتم إخضاع المنطقة العربية كاملةً للوصاية الأجنبية الأوروبية.

قامت ثورات الاستقلال، ونجحت في الإطاحة بالقوى الاستعمارية، بالتزامن مع انهماك تلك القوى في معمعة الحرب العالمية الثانية، لكن هل حصلت الشعوب العربية على حريتها التامة بعد سقوط الامبراطوريات الاستعمارية؟

إن تلك القوى لم تخرج من البلدان العربية، إلا بعد أن أشرفت بشكل مباشر أو غير مباشر على وضع أنظمة عميلة لها. إن ما حدث هو أن انتقل العالم العربي من مرحلة الاحتلال المباشر إلى مرحلة الاحتلال غير المباشر، الحرية لم تولد حتى الآن!

وماذا بعد؟ انتهت صلاحية تلك الأنظمة، وجاء الوقت لصناعة الربيع العربي، وتفجير الثورات العربية، التي تصرف من أجلها المليارات من الدولارات، أما ماذا بعد هذا الربيع، أخشى من صيف حارق، تلتهب من أجله المنطقة برمتها، أخشى من سايكس بيكو جديدة، وحرب عالمية ثالثة، سآتي على ذكر التفاصيل في جزء لاحق من هذه السلسلة.

هذه هي سياسة “الداء والدواء”، الاستبداد يولد الاحتقان، والاحتقان يولد الثورة، الثورة تأتي بالضعف، والضعف يستدعي الاحتلال، من ثم يطرد الاحتلال مرةً أخرى بثورات التحرر، تأتي هذه الثورات بالفوضى مجدداً، تولد هذه الفوضى الحاجة إلى نظام قوي، إنما استبدادي، وتدور العجلة!

في نهاية الأمر، أعتقد أن هذه العجلة ستتوقف عند النظام العالمي الجديد، كنتم قد سألتموني كيف ستصل النخبة بالعالم إلى ذلك العصر، وكيف سيكون بالإمكان تحقيق الوحدة السياسية والاقتصادية والدينية والثقافية.



ORDO AB CHAO النظام من الفوضى!

واحد من أهم الشعارات الماسونية، سيصل هؤلاء بالعالم إلى حالة من الفوضى لا مثيل لها على مر التاريخ، وإلى مرحلة من الصراعات العالمية الكبيرة والصغيرة، الخارجية والمحلية، سيتحول العالم إلى غابة حقيقية، تتصارع فيها القوى العالمية الكبرى من جهة، والأقاليم المصغرة من جهة أخرى، تبعاً لأحقاد سياسية وتاريخية ودينية وطائفية ومذهبية وعرقية وطبقية الخ..

إنها “فوضى منظمة”، سيأتي بعدها دور النخبة في توليد النظام من الفوضى، هذا النظام هو النظام العالمي الجديد الذي سيخضع تلك الغابة إلى سيطرته التامة، فوحده هو قادر على أن يلعب دور المنقذ ويعيد الأمور إلى نصابها. ستأتي في الوقت ذاته العملة الالكترونية الموحدة، بعد انهيار العملات العالمية كافةً. بوجود الأزمة المالية العالمية، وبعد التطورات السياسية الأخيرة، التي لابد لها منعكسات اقتصادية، لا تبدو هذه اللحظة بعيدةً جداً.

ستكون الأديان قد وصلت بالتزامن مع تلك الفواجع، وبشكل متسارع، إلى حالة مزرية، أقتبس هذا المقطع من كتابي “رحلة البحث عن الإله” وإن كان هذا الكتاب لم ينته بعد:

” بغض النظر عن أي شيء، تأتي الديانات الابراهيمية بروحانيتها ملبية للفطرة الانسانية في نزوعها إلى تحقيق الانسجام والتناغم مع الوعي الكوني، الموجود في كل مكان حولنا، والمتأصل داخل كل واحد فينا، وتأتي هذه الديانات بصراطها المستقيم ووصاياها العشرة، ملبيةً لفطرة الخير ولرغبة الذات الانسانية في التنظيم والبناء والإعمار، كما وتأتي من خلال قصصها وأساطيرها وفلسفتها الرمزية ملبيةً لدعوة العقل في البحث عن أسرار وحقائق الوجود، لكن المشكلة تتمثل في أن الممارسات الروحانية قد تم تجريدها من روحانيتها، للتحول الصلوات على سبيل المثال إلى عادات وتقاليد، لا شعائر روحانية معنوية حقيقية، كما تم إعطاء الأخلاق مرتبةً ثانوية في الأديان، واقتباس نمط الحياة السائد في جزيرة العرب منذ 1400 سنة لتطبيقه اليوم على أنه صالح لكل زمان ومكان، والحقيقة أن الدين بمعاييره النسبية القائمة على الاجتهاد من أجل قولبته بما يتناسب مع العصر استناداً إلى مرونته اللامتناهية هو ما يجعل الدين صالحاً لكل زمان ومكان. فليس “التراث” السائد في فترة ظهور الدين هو الذي يصلح لكل زمان ومكان. كما تمت ترجمة الفلسفة الرمزية الموجودة في الأديان بشكل حرفي، لقد فهم الناس أن الدين قد قدم للعالم حقائق الوجود، إنما هو في الواقع قدم من خلال فلسفته الرمزية المفاتيح فقط، وقدم طرف الخيط للوصول إلى تلك الحقائق، لا الحقائق ذاتها. لكن ترجمة النصوص ترجمةً حرفية سطحية قد خلق صراعاً بين الدين والعلم، وما بين الدين والمنطق”

هذا مجرد اقتباس صغير من كتابي “رحلة البحث عن الإله”، يلخص بشكل مختصر فكرة انحدار الأديان، وهو ما أسهمت فيه الأخويات القديمة عبر التاريخ، من خلال تقسيم الأديان وتحويلها إلى تيارات سياسية مجردةً إياها من دورها الأساسي الذي خلقت من أجله، كما حرضت على الفتن الدينية والطائفية والمذهبية، وساهمت في صناعة الحرب بين الدين والعلم، وبين الدين والمنطق، وهو ما قد أتحدث عنه بالتفصيل في جزء آخر من هذه السلسلة، كما أنصح بالإطلاع على كتابي القادم، والذي أنا بصدد إنهاء الفصول الأخيرة منه، من أجل تفاصيل أكثر حول الفلسفة الدينية المقصودة. فهو الكتاب الأول من نوعه الذي سيوحد مفاهيماً كثيرة، ويجمع كافة الأديان، وبل وحتى النظريات اللادينية والإلحادية، على أرضية مشتركة واحدة، فقد تكون هناك نظريات كثيرة، لكن هناك دائماً حقيقة واحدة.

لا أريد أن أبتعد كثيراً عن الموضوع، لكنني أريد أن أؤكد على التكنيك الذي تتبعه العقول النخبوية من أجل إرساء نظامها العالمي الجديد، بما فيه الدين التنويري الجاري التبشير به اليوم، من خلال الأخذ بيد الأديان المتوفرة حالياً، وحتى الأخذ بيد النظريات الماركسية المادية، إلى الهاوية. مرةً أخرى يتكرر السيناريو ذاته، الداء والدواء.

وفقاً لكتاب “أحجار على رقعة الشطرنج”، ورد في مخطط الجنرال الأمريكي المتنور “ألبيرت بايك” سنة 1871 التالي : “بعد الحرب العالمية الثالثة، سيصل العالم إلى حالة من الإعياء السياسي والعسكري والاقتصادي والجسدي والنفسي والروحاني، وستفقد شعوب العالم كافة القيم الروحية، ويبدو المشهد أسوداً قاتماً كئيباً، هنا يأتي دور الطبقة المستنيرة في فرض نظامها العالمي الجديد على الجماهير، مولداً النظام من الفوضى، بوحدته السياسية والاقتصادية والثقافية والدينية، وإعادة إرسائه للقيم الروحية إنما وفق الدين اللوسيفري الشيطاني”



في الجزء القادم، أتحدث عن سياسة “القطب السالب والموجب”، وعن شبكة الطاولة المستديرة، وكيف تدير المنظومة الماسونية العالمية آلياتها من أجل صناعة الأحداث العالمية. وكيف تصنع الحروب والثورات والحركات الانفصالية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق