الأربعاء، 16 نوفمبر 2011

سوريا: التدخل الحتمي و الحرب العالمية الكبرى

!!سوريا: التدخل الحتمي

  • :
  • :
عن طوني كارتالوتشي 30 نيسان / أبريل 2011

أننا نواجه ما تم تسويقه لنا على أنها أزمات مستقلة عن بعضها. لكن الواقع هو أن الأحداث من "عاصفة الصحراء" إلى الثورات الملونة في أوربا الشرقية, و الـ"حرب على الإرهاب"، حتى الـ"ربيع العربي" الحالي...ما هي إلا حملة خطية للسيطرة على العالم – بداية ما سماه جورج بوش الأب بـ "النظام العالمي الجديد".
 إن تغيير النظام في سوريا كان هدفاً موضوعاً منذ 1991. كما أوضح الجنرال ويسلي كلارك عام 2007 في خطاب له في كاليفورنيا حين استذكر حديثاً دار عام 1991 (1) بينه و بين و بول ولفوويتز نائب وزير الدفاع و قتها. أشار ولفوويتز حينها أن لدى الولايات المتحدة 5-10 سنوات لتقوم بعملية تنظيف للأنظمة القديمة"العميلة للسوفييت"، و بالتحديد سوريا، إيران، العراق

و أن يتم ذلك قبل أن تظهر قوة عظمى جديدة لتتحدى الهيمنة الغربية. و للغرابة... أن القوة العظمى الجديدة تتألف من روسيا التي تتعافى من خيانات تفريطية من قبل أوليغاركيين من أمثال ميخاييل خودوركوفسكي(2، و طبعا تضم أيضاً الصين الصاعدة في ميزان القوى.

تهيئة الساحة
ما كان الـ"ربيع العربي" إلا عملية مخططاً لها مسبقاً، و برعاية وإشراف أمريكي متقن، و ممولة من الخارج (3) والتي قد بدأت منّ أوائل 2008، مع الشبكة الأميركية المحكمة من منظمات مجتمع مدني، و منظمات غير حكومية و الموجودة منذ عقود في مكانها. كانت صحيفة النيويورك تايمز قد اعترفت بهذا القدر في مقالتها جموعات أميركية ساعدت بتغذية التحركات العربية"(4) كاشفة بذلك دور كل من المركز الجمهوري الدولي و المركز الدولي للديموقراطية و الدعم القومي للديموقراطية و موقع movements.org
و منزل الحرية (فريدوم هاوس) في تجنيد و تدريب و دعم هذه التحركات.
عندما تتبين لنا هذه الحبكة، يظهر لنا بوضوح أن كل عملية ضرب للاستقرار كانت تعطى إشارة البدء و تتم تغذيتها مع مراعاة ترتيب معين. تم ضرب تونس و مصر على جانبي ليبيا في حين أن الهزات الارتدادية لعمليات ضرب الاستقرار هذه هزت المنطقة كلها بشكل عام حتى أنها وصلت الأردن و السعودية. الشرق الأوسط الذي تم "تسجيله حديثاً" سيتم إجباره على دعم تدخل عسكري غربي في ليبيا، و التي كانت الهدف التالي. بدأت الحكومات الضعيفة في كل من تونس و مصر تخدم دور ممرات للمؤن و الأسلحة لتصل إلى الثوار المدعومين من الولايات المتحدة(5) في سعيهم للتخلص من القذافي. و كما هو الحال هناك، فإن الجائزة الكبرى في المنطقة هي إيران، فيجب تفكيك سوريا أولاً للإمعان في إضعاف و عزل طهران.
إن إيران نفسها لا تزال تحت الحصار لسنوات من خلال عمليات سرية تشمل على قوات الولايات المتحدة الخاصة و مخابراتها العاملة داخل إيران (6). مدربة و مسلحة و داعمة لمنظمات إرهابية تعمل ضد حكومة إيران، بالإضافة إلى اغتيالات و عمليات تخريبية للبنى التحتية الإيرانية. كل هذا قد تم توثيقه و تجهيزه  بدقة داخل صفحات تقرير مركز بروكينغز (حكومة قطر هي من ضمن المشاركين في تأسيس هذا المركز)  تحت عنوان أي طريق نحو بلاد فارس(7)؟ Brooking's Institution "Which way to Persia?"
وصل المفكرون الممولون من شركات التمويل إلى اتفاق عام ينص أن نظامهم العالمي أحادي القطبية المكون من "القانون الدولي" و " المنظمات الدولية" تتمتع بالتفوق و الأولية على سيادات الدول، وأن الوقت قد حان للتأكيد على هذا التفوق أو سيخسروه. تم التعبير عن هذه الرؤية بشكل واضح في التقرير الصادر عن مركز بروكينغز (الممول من الشركات) و المعنون اختبار ليبيا للنظام الدولي الجديد"(8). في شباط 2011. يعلنون فيه بوضوح أن التدخل في ليبيا "هو امتحان على المجتمع الدولي أن يجتازه. و أن الفشل سيهز إيمان شعوب المنطقة بشكل أكبر بالنظام الدولي الصاعد و اتفوق و أولوية القانون الدولي".
إن مجموعة الأزمة الدولية الـ"عولمية" و أمينها محمد البرادعي، الذي لعب دوراً مباشراً في الإطاحة بالحكومة المصرية بالنيابة عن المصالح الدولية، قد عبرت بشكل آخر مؤخراً عن أفكار مركز بروكينغز بمقالة عنوانها صعود و انهيار حقوق الإنسان الدولية"(9. حيث ينصب القانون الدولي و المواطنة الدولية مجدداً فوق السيادة القومية للدول. تتم الإشارة إلى أن التحالف الدولي لمسؤولية الحماية (R2P) هو المحرض على تمكين هذا "القانون الدولي". باعتبار أن R2P يتم استدعاؤه بعد إيجاد فتن و عنف ممول من الخارج في دولة مستهدفة ما. و عندها يمكننا ملاحظة أن "القانون الدولي" هو المصطلح المختبئ تحت زركشات رديئة في محاولة لإخفاء حقيقة كونه ذريعة للغزو. إن كامة "دولي" هو في الحقيقة يصف تطور الامبراطورية الأنغلو-أميركية وهي تفكك
و تستوعب الدول القومية حول العالم.
تجهيز الحملة على سوريا مرفأ طرطوس السوري من المقرر أن يخدم دور قاعدة بحرية روسية، تم تطويرها هذا العام و لتستقبل سفناَ حربية روسية في 2012. مما سيسمح لروسيا بتعطيل تطويق الناتو الهجومي لحدودها.
سوريا ليست مجرد أمة ممانعة رافضة للمساهمة بالعولمة، هي أيضاً جزء هام من قوة روسيا و إيران الموازنة و المتزايدة في المنطقة، باتجاه معاكس تماماً للهيمنة الغربية. يتم حالياً تطوير مرفأ طرطوس و من المقرر أن تستضيف سفناً حربية ثقيلة في محاولة لتأسيس وجود مهم في المتوسط مما سيناقض توسع الناتو عل حدود روسيا، كما سيبقى على مقربة من الأساطيل الغربية شمال السويس.
لعبت سوريا هذا الدور، مع منشأة طرطوس التي افتتحت عام 1971 عبر اتفاق مع السوفييت. عندم أشار ولفوويتز إلى "الأنظمة العميلة" في حوار 1991 مع ويسلي كلارك، كان هذا النوع من التحدي للهيمنة الغربية هو ما يشير إليه.
بعد هجمات 11 أيلول 2001, ممرت أيضاً خطط إلى كلارك لتطبيق تغيير للأنظمة عبر الشرق الأوسط و خاصة لمهاجمة و تدمير حكومات 7 بلدان هي: العراق, سوريا، السودان، الصومال، إيران، لبنان، و ليبيا. في 2002 قام جون بولتون (نائب وير الخارجية حينها) بإضافة سوريا إلى دول محور الشر.
(10)CNN في مقالة حديثةلـ...
  /18/4/2011تحديداً
المتحدث باسم وزارة الخارجية مارك تونر صرح بالتالي "نحن لا نعمل لنقوض تلك الحكومة (السورية). ما نحاول أن نقوم به في سوريا، من خلال دعم المجتمع المدني، هو أن نبني ذاك النوع من المؤسسات الديموقراطية, بصراحة, نحن نحاول أن نقوم بهذا في دول حول العالم. أعتقد أن وجه الاختلاف هنا في هذه الحالة، أن الحكومة السورية تعتبر أن هذا النوع من المساعدة كتهديد لسيطرتها على الشعب السوري".
تأتي تعليقات تونر بعد أن نشرت الواشنطن بوست تسريبات(11) تشير إلى أن الولايات المتحدة كانت تمول مجموعات معارضة السورية منذ 2005 على الأقل في ظل إدارة بوش و تمت متابعتها في عهد أوباما. كما يمكننا ان نرى إن الحملة ضد سوريا انتقلت عبر الإدارات الرئاسية الأميركية على مدى عقدين.
في تقرير لوكالة فرانس برس نشر مؤخراً(12) مايكل بوسنر مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون حقوق الإنسان و العمل صرح أن "الحكومة الأميركية خصصت 50مليون$ في السنتين الأخيرتين لتطوير تقنيات جديدة لمساعدة النشطاء لحماية أنفسهم من الاعتقال و الملاحقة من الحكومات المتسلطة". ذهب التقرير ليشرح أن الولايات المتحدة "هيأت دورات تدريب ل 5,000 ناشط في أماكن مختلفة من العالم. دورة عقدت في الشرق الأوسط من حوالي 6 أسابيع (من تاريخ التقرير) لنشطاء من تونس، مصر، تونس، سوريا و لبنان الذين عادوا إلى دولهم بهدف تدريب زملائهم هناك". سضيف بوسنر "لقد عادوا و هناك تأثير امتدادي".
هذا التأثير طبعاً هو التحركات بحد ذاتها، المدعومة بمزيد من المساعدات، المعدات, و تواطؤ الإعلام المملوك للشركات، التي تنقل يشكل مغلوط أن الأحداث و التحركات "عفوية" و "صادقة" و "محلية". تمت مؤخراً مكالمات بين السيناتورين مارك كيرك و ريتشارد بلومينتال حول "تدخل غير عسكري" في سوريا حين استخدمت الدمى الحربية نيكولا ساركوزي و السيناتور الأميركي جو ليبرمان(13 قصف ليبيا كتحذير موجه بالتحديد إلى الرئيس السوري.

التدخل يبدأ:
الآن، وفي نداءات تردد صدى التعبئة لقصف ليبيا، قام أعضاء مجلس الشيوخ جون ماكين، ليندزي غراهام، و جو ليبرمان بإصدار تصريح مشترك ينص على ان الأسد قد فقد الشرعية للبقاء في السلطة في سوريا"(14) و تابعوا ليضيفوا "عوضاً عن أن نراهن على أو وضع الأعذار لنظام الأسد، حان الوقت للولايات المتحددة، مع حلفائنا في أوربا و حول العالم، أن نقف و بوضوح مع الشعب السوري في مطالبهم السلمية لحكومة ديموقراطية".
إن مستوى الخداع خلف هذه التصريح يكاد يكون لا يتخيل، بعد اعتراف وزارة الخارجية الأميركية العلني بتمويل و تدريب و تنظيم و دعم هذه التحركات منذ البداية. إذا أضفنا عدم الأمانة الفكرية التي أطلق منها أي من هؤلاء الـ"شيوخ" تعليقاتهم الخداعة نصل إلى واقع أنهم بالإضافة إلى كونهم "ممثلين منتخبين"، هم أيضاً أعضاء في منظمات مشبوهة غير منتخبة تتلقى تمويلها من أموال دافعي الضرائب الأميركيين بالإضافة  غلى تمويلها من قبل شركات ممولة تكمن مصالحها في تقويض و تدمير حكومات أجنبية. حيث أن ماكين و غراهام أعضاء المركز الجمهوري الدولي، الذي تم فضحه علناً من قبل النيويورك تايمز لدوره في تمويل "الربيع العربي".(15) و ليبرمان عضو في الشركة التي تمثل جماعة ضغط، محافظة جديدة، مستفيدة من الحروب تحت اسم "منظمة الدفاع عن الديموقراطية" FDD.
يضم الـFDD مقري مشروع القرن الأميركي الجديد مثل ويليام كريستول ريتشارد بيرل جايمس ووسلي و باولا دوبريانسكي بالإضافة إلى مسؤول الدعلية الكاذب و المأجور لـ"الحرب على الإرهاب" بيل روجيو من صحيفة  الـ"لونغ وور جورنال". المفاجئ أن هذه المجموعة من دعاة الحرب الكاذبين فيها الكثير من المسؤولين عن أفلام دعائية كاذبة و غير مسؤولة مثل (إيرانيوم) و الممولة علناً و جزئياً من قبل وزارة الخارجية الأميركية. نرى أنه من خلال مؤسسات غير منتخبة وغير مسؤولة  مثل الـFDD يتم الوصول إلى خلاصات في الاسياسة الخارجية، بالإضافة إلى أفلام دعائية مثل (إيرانيوم) المتروكة لتسوق هذه الخلاصات لجمهور غير واعٍ و بالأغلب جاهل.
إن الهمسات بين المفكرين الممولين من شركات كمثل مركز بروكينغز تعالت لتصل إلى ذروة تطالب الرئيس الأسد بالتنحي. كما الحال في ليبيا هذه المطالبة مبنية على تقارير مبهمة بشكل مريب، و غير مؤكدة عن عنف يلام عليه النظام الحاكم. بغض النظر عن تقارير حول جماعات مسلحة تعمل ضمن المتظاهرين، تقوم وسائل الإعلام المملوكة للشركات و المفكرون الذين يحددون لهم نقاط الكلام يصرون على أن المظاهرات "سلمية" و محاولات ضبطها "قمعية"...
في آخر مقالات بروكينغز في سوريا: على الأسد أن يخرج من الساحة"(16)، إن دائرة العنف التي بدأها قناصون مجهولون" (17 مستهدفين الجنازات تعد آخر خط اجتازه الأسد و الذي يتطلب مغادرته للسلطة. تشير المقالة إلى أن "دائرة عنف النظام المتزايد ضد المتظاهرين و من ثم المزيد من الجنازات التي تزيد التوتر في كل المناطق، تشير إلى أن الوقت حان للأسد (هاملت العالم العربي – كا يذكر التفرير) ليفكر في مستقبله. حان الوقت له و لمن يؤثرون عليه من الخارج للبحث عن مخرج منتظم و سريع".
مع بداية توضح الدلائل التي تظهر الآن إلى السطح مؤكدة ما أشار إليه الأسد من وجود جماعات مسلحة ضمن المظاهرات، ووجود محتمل لقناصين أجانب يتدخلون لخلق فوضى متزايدة، كما حدث في ليبا، يسرع الغرب و يهجم للأمام ليبدا تدخلاً لا يمكن عكس نتائجه.

الحرب العالمية الكبرى:
مع المستوى العريض للتخطيط العلني لعدم الاستقرار الموجه ليس فقط نحو الشرق الأوسط، بل أيضاً نحو موسكو و بكين و محيطاتهم أيضأً(18)، هناك احتمال ضعيف في أن الغرب سيوقفون مخططهم الآن. ليس هناك تراجع الآن إلى الحالة الطبيعية لعالم محكوم الآن بمواجهة شرسة بين الامبراطورية الأنغلو-أميركية والدول القومية المتبقية. إنها لعبة يفوز فيها الفائز بكل شيئ و الخاسر يخسر كل شيء لعبة أوجدتها قوة غربية مخططة استراتيجياً و مالياً تسرع لتنفيذ مخطط و أجندة عمرها عقدان على الأقل. إن سوريا و بالطبع إيران لن تستمر دون مواجهة و مقارعة القوة الحقيقية خلف ضرب الاستقرار.
إن هذا ليس صراعاً واحداً منفرداً، هذه أول خظوة تجاه حرب عالمية عظمى، عملية ضرب الاستقرار تمتد من تونس إلى تايلاند، و من روسيا البيضاء إلى بكين، هنالك مؤشرات لمواجهات و اصطفافات لأطراف استراتيجية ما بعد "الربيع العربي".
على بقية العالم، و بقية شعوب الغرب أيضاً الذين سيعانون نتيجة نجاح الغرب أو فشله بشكل متساوٍ، أن يعوا و يرفضوا  هذه الحملة  التي لا تخدم إلا أصحابها، و المدفوعة بجنون العظمة. يجب أن نصل إلى توافق عام جديد مبني على اسيادة الفردية و القومية(19)، و أن نستعيد مسؤولياتنا التي تنازلنا عنها لمصالح تلك الشركات الممولة العملاقة، بالإضافة إلى القوة الرهيبة التي يتمتعون بها الآن بسبب خنوعنا، عدم اهتمامنا، و جهلنا المتواصل. بعد سوريا و إيران تأتي موسكو و بكين.

  •     إن الحكومة العالمية هي بكل تأكيد مؤامرة، لكنها ليست مجرد نظرية إطلاقاً...يدعو بوش هنا إلى "نظام علامي جديد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق