الأربعاء، 16 نوفمبر 2011

الجيش الأمريكى. فى الشرق الأوسط!

يوليو 2011
30
المصدر: الأهرام العربى

أسامة الدليل

إن مستقبل مصر لا يزال غير واضح ويحتاج لمزيد من التحليل والتحالف مع مصر وغامض المصير، فحكومة ما بعد مبارك فى مصر لا تزال تناضل حاليا من أجل أن تصل لتعريف لذاتها أو أهدافها، وأن تخطط أيضا لانتخابات حرة.
قوة الجماهير الغاضبة بكل شعاراتها وفورانها، هى مجرد قوة ناعمة، وهى قوة مهمة فى التغيير السياسى والاجتماعي، لكن على الأرض، يفرض إرادته من يمتلك القوة الصلبة، ومن بين كل ألوان القوات الصلبة فى المنطقة التى تواجه تحديات خطيرة فى سياق عمليات التغيير، تثور علامات استفهام حول موقف ودور الجيش الأمريكى الموجود فى هذه البقعة من كل ما يجرى وسيجري، بوصفه أضخم قوة صلبة فى العالم.
وفى خطابه الأخير بشأن الشرق الأوسط فى 19 مايو الماضى حدد الرئيس الأمريكى أوباما، 4 محاور تشكل (المصالح الجوهرية) الأمريكية فى المنطقة، وهى بالتريب: مكافحة الإرهاب، وقف انتشار الأسلحة النووية فى المنطقة ، تأمين التدفق الحر للتجارة الدولية بما فيها تجارة النفط، وذلك من خلال تأمين طرق التجارة، العمل الجاد على ضمان أمن إسرائيل ومواصلة عملية السلام العربية الإسرائيلية. هذه الأهداف يعمل على تنفيذها الجيش الأمريكى بالأساس، والمخابرات العسكرية الأمريكية بالأساس، وتشترك فى أعمال التنفيذ مؤسسات البحث العلمى العسكرية فى الولايات المتحدة، وكذلك الخارجية الأمريكية بسفاراتها ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA، ومنذ أقل من شهرين وتحديدا فى 27 يونيو الماضي، صدر عن معهد الدراسات الإستراتيجية التابع للجيش الأمريكى دراسة غاية فى الخطورة بعنوان: الغليان العربى ومستقبل السياسات العسكرية الأمريكية والوجود العسكرى الأمريكى فى الشرق الأوسط والخليج، كتبها المحلل الإستراتيجى الدكتور إندرو تيريل، قال فيها: إن الوجود العسكرى والاستخباراتى الأمريكى فى منطقة الشرق الأوسط تم تصميمه على أساس دعم هذه الأهداف الأربعة التى حددها أوباما، وأن تضمن الدعم لحلفاء أمريكا من خلال ردع المنافسين المحتملين لهم كإيران مثلا، وحاليا لا يبدو من الواضح إذا ما كان الربيع العربى من شأنه أن يوجب على العسكرية الأمريكية أن تجد لنفسها طرقا جديدة لحماية هذه المصالح أو سيوجب عليها طريقة جديدة لأن تتكيف البنية العسكرية الأمريكية وتشكيل قواعد وجودها وفقا للعصر الجديد، وعلى الرغم من ذلك، قد يبدو من المفيد التفكير فى احتماليات أو سيناريوهات مثل هذه العمليات، بل و قد يبدو من المفيد التفكير باحتمالات ما قد تصل إليه الأمور!
ويمضى المحلل الإستراتيجى الأمريكى للقول: على المسئولين الأمريكيين أن يواصلوا تعزيز العلاقات مع أجهزة المخابرات الصديقة فى الأردن والسعودية، هذه الصلات فى غاية الأهمية ذلك أن الصلات الاستخباراتية مع مصر وتونس يبدو أنها قد تشوشت بفعل الثورات فى هذين البلدين، وعلى وكالات المخابرات الأمريكية أن تستجيب لهذه الانتكاسات من خلال البحث عن صلات مع حكومات ما بعد الثورة فى تونس ومصر وغيرها حتى يمكن التوصل إلى شراكة ذات نفع معها، وفى هذا السياق فإن مستقبل مصر والعراق لا يزال غير واضح والتحالف الأمريكى مع كلا البلدين هو موضوع لشكوك الولايات المتحدة.
إن مستقبل مصر ـ الكلام لايزال للمحلل العسكرى الأمريكى - لا يزال غير واضح ويحتاج لمزيد من التحليل والتحالف مع مصر وغامض المصير، فحكومة ما بعد مبارك فى مصر لا تزال تناضل حاليا من أجل أن تصل لتعريف لذاتها أو أهدافها، وأن تخطط أيضا لانتخابات حرة، وقد عبر عدد من المعلقين الأمريكيين عن شكوكهم بشأن ما إذا كانت الحكومة المصرية الجديدة واقعة تحت تأثير جماعة الإخوان المسلمين المصرية، وأنها بسبيلها للتحالف مع إيران، وفيما يمكن توقع حدوث أى شيء فى الانتخابات المقبلة فإن أية حكومة مصرية مقبلة لن يكون أمامها، إلا البحث عن حلول براجماتية لحل المعضلة الاقتصادية، فقد انهارت السياحة وانهار معها الاستثمار الأجنبى من الغرب فى أعقاب الثورة والاقتصاد المصرى يمضى فى النمو بشكل استثنائى بمعدلات متناهية الصغر، ولقد ذكر الرئيس أوباما أنه سيواصل تقديم المساعدات لمصر، وهى أمور سيكون لها تأثيرها فى ظل أزمة الميزانية فى مصر، صحيح أن بعض دول الخليج تقدمت لحشو الفراغ الاقتصادى فى مصر ولكن من الصعب للغاية أن نتصور أنهم سيستمرون فى ذلك إذا ما واصلت القاهرة تعزيز علاقاتها مع إيران، المؤكد أن التعاون المصرى - الإيرانى سيكون من شأنه أن يقوض علاقات القاهرة مع دول الخليج، الواقع أن العسكرية الأمريكية تحتاج لأن تظل على ارتباطها وانخراطها مع القاهرة، وأن تتعرف على الجهود التى تقوم بها باقى دول المنطقة لتشجيع عمليات التحديث الديمقراطي!
المحلل الإستراتيجى المرموق يخلص إلى القول: إن الكفاح ضد ما يمكن أن تفرزه الثورات العربية، بما فيها الثورة المصرية ضد المصالح الأمريكية، ربما لا يفيد فيه التدخل العسكرى الأمريكي، فمن الأفضل بالنظر للتكاليف مقابل العوائد أن يتم ضمان مصالح واشنطن حاليا، من خلال (القوة الناعمة)!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق